حكم لعب الشطرنج.. يتساءل العديد من المسلمين عن حكم لعبة الشطرنج، وهل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لعب الشطرنج، فقد روى مسلم (2260) أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَده فِي لَحْم خِنْزِير وَدَمه» وقال النووي رحمه الله: وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّة لِلشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُور فِي تَحْرِيم اللَّعِب بِالنَّرْدِ، وَمَعْنَى «صَبَغَ يَده فِي لَحْم الْخِنْزِير وَدَمه» أي: فِي حَال أَكْله مِنْهُمَا، وَهُوَ تَشْبِيه لِتَحْرِيمِهِ بِتَحْرِيمِ أَكْلهمَا.
ما هو حكم لعب الشطرنج؟
ذكر الدكتور شوقى علام، مفتي الجمهورية، أن اللعب بالشطرنج مُباحٌ عند جمهور العلماء سلفًا وخلفًا، ولا شيء فيه ما لم يكن قمارًا، أو سببًا في إسقاط المروءة، أو مضيعا للواجبات والمهمات، أو منقطعًا به عن العبادات.
وأضاف مفتي الجمهورية، أن الشطرنج والنرد وإن كانا يشتركان في أنهما أداتان للهو، غير أن في الشطرنج إعمال للعقل، وتنشيط للذهن، وتقوية للفكر، على خلاف النرد؛ الذي يقوم اللعبُ به على محض الحظ والمخاطرة، منوهًا بأن اللعب بالشطرنج أقره جمعٌ من الصحابة والتابعين، وتبعهم جماعة من الفقهاء والمحدِّثين؛ حتى اعتبر بعض الفقهاء ذلك “أشبه بالإجماع” على إباحته لِما وضعت له هذه اللعبة من التدبير والتخطيط وإعمال العقل وتنشيط الذهن، على خلاف النرد على المال؛ وذلك لأن فيه من المقامرة المحرمة.
وأوضح أن من أباحها استدل بانتشارها بين الصحابة والتابعين إقرارًا عليها، وعملا بها، فقد روى الخطيب مولى سليمان بن يسار قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمر بنا ونحن نلعب بالشطرنج فيسلم علينا ولا ينهانا، وروى الضحاك بن مزاحم قال: رأيت الحسن بن علي عليهما السلام مرَّ بقوم يلعبون بالشطرنج فقال: “ادفع ذا ودع ذا”.، وروى أبو راشد قال: «رأيت أبا هريرة رضي الله عنه يدعو غلامًا فيلاعبه بالشطرنج»، وروي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «أنه كان يجيز الشطرنج ويلعب بها»، وروي عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما «أنه كان يلعب بالشطرنج، فهؤلاء خمسة من الصحابة أقروا عليها ولعبوا بها».
لماذا نهي الصحابة عن الشطرنج؟
وأضاف “شوقي” أن ما ورد في النهي عنها من آثار عن بعض الصحابة والتابعين ليست على إطلاقها في الحرمة، بل هي محمولة على الانشغال عن الصلاة عند سماع الآذان، أو ذكر الفحش من الكلام عند اللعب بها، أو تشابه صورتها بالتماثيل المعبودة عند بعض الطوائف.
وأوضح أن النصوص التي جاءت باستثناء بعض أشكال اللعب المباح لا تفيد حصر الإباحة فيها، وإنما هي تنبيه على مشروعية ما يفيد من اللعب ونهي عما لا يفيد، وإلَّا فقد رغَّب الشرعُ الشريف إلى تعلم بعض الرياضات المشتملة على المنافع والمصالح مع أنها لم تذكر في الخصال الواردة في الحديث، واللعب بالشطرنج داخل ضمن هذه المعاني؛ لِما تضمنه من معنى التنبيه على مكائد الحرب ووجوه الشدِّ والحزم وتدبير الجيوش.