في 29 تموز/ يوليو 2022، وقبل حفلة الفنانة المصرية آمال ماهر بساعات قليلة، نشرت صحيفة الأهرام المصرية صور مقاعد لمسرح خالٍ، ضمن خبر، حول الاستعدادات للحفلة.
وفي تمام الساعة الحادية عشرة والنصف من اليوم نفسه، بدأت حملة ممنهجة عبر 20 موقعا، تدعي خلو الحفلة من الجماهير، وأن الشركة المتعهدة وزعت التذاكر بالمجان.
وهو عكس ما ظهر في البث المباشر للحفلة على الصفحة الرسمية لقناة الحياة المصرية، الذى بدأ في الساعة الحادية عشرة، محققا نحو 6.5 ملايين مشاهدة، وظهر خلاله آلاف الحاضرين.
كما شهد الحفلة دعما من جانب المسؤولين والفنانين، إذ حضره كل من أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، والدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن، والفنانة إلهام شاهين.
ونشر بعض المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي صورًا من الحفلة، يظهر امتلاء المسرح بالجمهور، على عكس ما جاء في محتوى المواقع الإلكترونية التي ادعت فشل الحفلة.
هذه الحملة الإلكترونية ليست الأولى التي تستهدف آمال ماهر، إذ تم حذف كل ألبوماتها الغنائية، ومنع عرض أغنياتها على المنصات الإلكترونية في أيلول/ سبتمبر 2018.
في هذا التقرير نتتبع مصدر الحملة التي شنت على الحفلة، والأسباب وراء شن حملات متكررة على آمال ماهر.
أصل القصة
في عام 2017، أعلنت ماهر ارتباطها برجل الأعمال السعودي تركي آل الشيخ المستشار الحالي في الديوان الملكي السعودي، بدرجة وزير، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه.
وفي آذار/ مارس 2018، حررت محضرًا (رقم 4471) تتهمه فيه بالتعدى عليها أمام منزلها.
بعدها اختفت جميع أعمال ماهر الفنية من المنصات الإلكترونية، ومُنع عرضها على القنوات التلفزيونية.
ثم أعلن سرقة حساباتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي في 24 أيلول/ سبتمبر 2018.
ورغم غياب أعمالها الفنية إلا أنها عادت إلى سطح الأحداث بعد أن أعلنت في شباط/ فبراير عام 2021 خطبتها لرجل أعمال مصري، ثم سرعان ما تم فسخ الخطبة، واعتزالها الفن.
وفي شباط/ فبراير 2022، بعد أن أعلنت آمال ماهر عن عودتها الى العمل الفني مرة أخرى، أثارت الرأي العام باختفائها من جديد، الأمر الذي دفع النائبة آمال عبد الحميد، عضو مجلس النواب، إلى تقديم طلب إحاطة في 29 حزيران/ يونيو الماضي، تطالب فيه بالوقوف على حقيقة اختفاء الفنانة المصرية، وما إذا كانت تعرضت للأذى.
وفي مساء اليوم نفسه، ظهرت آمال ماهر في فيديو مباشر لطمأنة الجمهور.
أشارت الحملة الداعمة لآمال ماهر إلى تسبب تركي آل الشيخ في اختفائها، وبعد هذه الحملة أعلن آل شيخ فى 23 تموز/ يوليو الماضي تصفية جميع أعماله في مصر.
وبعد إعلان آل الشيخ عن تصفية أعماله، انطلق الاستعداد لتنظيم حفلة ماهر بمدينة العلمين المصرية يوم 26 تموز/ يوليو الماضي، ليتزامن معه شن حملة إلكترونية موجهة ضد الحفلة.
حملة ممنهجة مضللة
الحملة التي رصدناها شارك بها 20 موقعا إلكترونيا، نشروا نحو 30 خبرا بصيغات مختلفة ومضمون واحد عن فشل الحفلة. بتتبع هذه الأخبار الموحدة وجدنا أنها مستقاة من محتوى ثلاثة أخبار، مصدرها أربع مواقع.
أول 4 مواقع نشرت الخبر
لتبدأ بعدها عدد من المنصات الإعلامية فى إعادة نشر تلك الأخبار.
واهتمت بعض هذه المواقع بنشر الأخبار الثلاثة فيما اكتفت بعضها بنشر خبر واحد أو اثنين منهم.
كانت البداية من شبكة ET بالعربي، التي نشرت خبرا بعنوان “من ملأ الكراسي الفارغة في حفلة آمال ماهر؟”، في 29 تموز/ يوليو، ونقل هذا الخبر على تسعة مواقع وتطبيقات إخبارية.
وبالتزامن مع ET بالعربي، نشرت روتانا على موقعها خبرا بعنوان “شاهد غضب الجماهير من حفلة آمال ماهر واضطرار متعهد الحفلة الى توزيع التذاكر بالمجان”، والذي تحول من خبر مكتوب إلى فيديو نشر في ثلاث قنوات على اليوتيوب.
فيما نشرت جريدة الرياض، خبرا بعنوان “سقوط بعد انقطاع” تناقلته ثلاثة مواقع صحفية بنفس العنوان ونفس المحتوى الصحفي الذي يتطابق مع المحتوى الخبري لموقع ET بالعربي.
ونشرت جريدة عكاظ، خبرا بعنوان “آمال ماهر تصدم جمهورها بأداء ضعيف.. ومتعهد الحفلة يوزع تذاكرها بالمجّان”، نقلته عنها ثمانية مواقع.
ونشر موقع العربية تقريرا بعنوان “أول ظهور منذ 3 سنوات .. آمال ماهر تصدم جمهورها فى حفلة العلمين”، نقلته عنها أربعة مواقع صحفية.
وفي الخامس من آب/ أغسطس، نشر موقع فى الفن، الخبر الثالث بعنوان “شرطة الموضة: إطلالة آمال ماهر البيضاء أفسدها شئ وحيد”، لينقله موقعين في تواريخ متتالية.
“امال ماهر تخذل جمهورها وتقدم اداء فى غاية السوء” هو عنوان الخبر الذي نشرته روتانا، ووضعت رابطه عبر صفحاتها الرسمية على موقع تويتر، وحذفته فيما بعد، إلا أن بعض المواقع نقلته عنها.
حملة إلكترونية على تويتر
شارك في الحملة الحسابات الرسمية للمواقع على موقع “تويتر”، إذ تم إطلاق ثمانية تغريدات بنفس التدوينة “آمال ماهر تخذل الجماهير وتقدم أداء غاية في السوء ليضطر متعهد الحفلة لتوزيع التذاكر مجانا” بدأت هذه التغريدة من صفحات “ET بالعربي” وروتانا، ثم انتقلت لحساباتها على انستجرام، في المواعيد التالية بتوقيت مصر.
نفي حكومي
نفت الحكومة المصرية، في 29 آب/ أغسطس، ما تردد عن صدور قرار بتغليظ العقوبة على تسمية المواليد الجدد بأسماء دخيلة على المجتمع المصري لتصل إلى الحبس لمدة عام وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه، مشددة على أن كل ما يتم تداوله في هذا الشأن ما هو إلا ادعاءات زائفة.
وأرفقت منصات روتانا مع المنشور رابط خبر واحد تم حذفه فيما بعد، إلا أن تلك التغريدات لا زالت موجودة على الحسابات الرسمية الخاصة بروتانا.
وفي تمام الساعة الرابعة فجرا من يوم 30 تموز/ يوليو، نشرت قنوات روتانا خبرا بعنوان “صدمة لمحبي آمال ماهر ..حفلة متواضعة وإخفاق تنظيمي، شاركت فيه الحسابات الشخصية لروتانا سينما وروتانا موسيقى وروتانا كلاسيك
أخبار محذوفة ومعدلة
بعد انتشار هذه الحملة، انطلقت حملة مضادة لدعم حفلة آمال ماهر على وسم “آمال ماهر فين”، ونشر الجمهور عددًا من الصور والمنشورات الداعمة للحفلة.
بعدها، حذفت جريدة الرياض، خبرها المنشور بعنوان”سقوط بعد انقطاع” وهو نفس الأمر مع جريدة عكاظ، إذ حذفت الخبر المنشور بعنوان “آمال ماهر تصدم جمهورها بأداء ضعيف.. ومتعهد الحفلة يوزع تذاكرها بالمجّان”.
فيما نشر تطبيق نبض الإماراتي تقريرا بعنوان “بعد غياب 3 سنوات آمال ماهر تصدم جمهورها ” نقلا عن “أخبارنا نت”، ولكن بالضغط على أصل الخبر، يظهر خبر آخر وهو “بحضور وزيرين.. أول ظهور للفنانة آمال ماهر على المسرح بعد غياب سنوات “صور”.
ومن جانبه كتب المايسترو محمد عثمان، قائد الفرقة الموسيقية المصاحبة لآمال ماهر، على صفحته الشخصية على الفيس بوك: “الحفلة كاملة العدد وليلة غنائيّة جميلة كلها طرب وسلطنة وانبساط”.
وقال على الشريف، أحد الحضور، في تصريحات خاصة إن الحفلة شهد إقبالا جماهيريا كبيرا، ولم يكن هناك مقاعد شاغرة، كما كان الصوت جيدا، وتفاعل الجمهور كان قويا، نافيا مغادرة رواد الحفلة قبل انتهاؤه.
وبالتالي، قادت مواقع إلكترونية حملة تضليل تشكك في جماهيرية ونجاح حفلة آمال ماهر، لدوافع تتعلق بنزاعها القانوني مع آل الشيخ، رغم الإقبال الجماهيري الذي شهده الحفلة.