الفنان يوسف وهبي، هو عميد المسرح العربي، وأحد الرواد الأوائل في مجالي المسرح والسينما في الوطن العربي، بدأ شغفه بالتمثيل بعدما شاهد فرقة الفنان اللبناني سليم القرداحي في سوهاج، وبدأ في إلقاء المونولوجات في حفلات أصدقائه.
سافر يوسف إلى إيطاليا بعد الحرب العالمية الأولى، وتتلمذ على يد الممثل الإيطالى كيانتونى، وبعد وفاة والده عبدالله باشا وهبي، عاد إلى مصر وحصل على ميراثه عشرة آلاف جنيه ذهبي، وانضم للعمل في فرقتي حسن فايق وعزيز عيد كبداية لحياته الفنية على سبيل الهواية وليس الاحتراف.
فرقة رمسيس
أسس يوسف وهبي فرقة رمسيس المسرحية، مع عدد من الممثلين الكبار، وكانت معظم مسرحياتها في بداياتها مترجمة عن أعمال عالمية لشكسبير وموليير وإبسن، وقدمت الفرقة بعد ذلك عددًا كبيرًا وصل إلى أكثر من 300 من المسرحيات المؤلفة والمقتبسة باللغة العربية أو بلغات أخرى منها الفرنسية، ونقلت العديد من مسرحيات الفرقة إلى السينما، واتسمت معظم مسرحيات الفرقة بالميلودراما.
اهتم يوسف وهبي بتوعية جمهور المسرح، وتغيير الاهتمام بالمسرح الهازل إلى الاهتمام بالفن والمسرح الجاد، وقد منع التدخين في قاعات العرض، وعمل على احترام مواعيد رفع الستار، ووضع إتيكيتًا للممثل، متمثلًا في الحفاظ على المواعيد، والالتزام بالنص، وتنفيذ تعليمات المخرج، وهو ما دفع الحكومة لتكليفه عام 1933م بتشكيل فرقتها المسرحية التي كانت نواة المسرح القومي فيما بعد، كما عمد يوسف وهبي بجانب تمثيله الأدوار الرئيسة في مسرحياته إلى التأليف والإخراج، فإجمالًا قام يوسف وهبي بتمثيل 302 من المسرحيات العالمية، وأخرج منها 185 مسرحية، وقام بتأليف 60 مسرحية، وكان يهدف من وراء أعماله إلى نشر الوعي الاجتماعي ونقد عيوب المجتمع.
أزمة فيلم النبي محمد
في 1928، وفي ذروة تألقه، نشرت إحدى المجلات الإيرانية سنة 1928 أن شركة سينماتوغراف الفرنسية جاءت إلى مصر، واتفقت مع عميد المسرح العربي على تمثيل فيلم «النبي محمد»، وأن الفيلم من إنتاج تركي، وحضر المنتج إلى القاهرة وبصحبته المخرج توجو مزراحي.
بالفعل بعد المقابلة أخذ وهبي يستعد لأداء دوره وصنع لنفسه صُوَرًا فوتوغرافية للشكل الذي سيظهر عليه في الفيلم، وهي صورة لا تختلف عن صورة راسبوتين، فبدأت أزمة كبيرة بعد هجوم عليه، وأرسل شيخ الأزهر خطابًا إلى وزارة الداخلية طالبه فيه بالتحقيق ومنع هذا المشخصاتي من القيام بالدور حتى لو اقتضى الأمر منعه من السفر بالقوة وإيداعه السجن،.
واستدعت الداخلية يوسف وهبي وحققت معه وأرسلت ردًّا للأزهر تقول فيه إن يوسف وهبي سيعتذر في الصحف عن قبوله هذا الدور تحت ضغط شعبي وتحت تهديد الملك فؤاد بسحب جنسيته المصرية منه؛ وبسبب هذه الأزمة تأخر دخول يوسف وهبي عالم السينما.
زواجه من ممثلة إيطالية
تزوج يوسف وهبي للمرة الأولى، من الممثلة الإيطالية إلينا لوندا، أثناء فترة دراسة يوسف وهبي في إيطاليا وعاش معها قصة حب طويلة، حتي عاد إلي القاهرة واستمر زواجهما لمدة أربع سنوات الي أن انفصلا بسبب غيرتها الشديدة لارتباطه بعزيزة أمير التي تقاسمت معه أدوار البطولة، وكانت لوندا قد دخلت علي يوسف وعزيزة أمير المسرح شاهرة مسدسها مهددة بالقتل إن لم تغادر عزيزة المسرح.
زواجه من عائشة فهمي
ارتبط بعلاقة غرامية مع عائشة فهمي، وكان يدعوها إلى السهرات التي كان يقيمها في منزله ويدعو إليها المقربين منه مثل محمد عبد الوهاب وفكري أباظة وزكي طليمات، وكان يرفض أن يعلن عن وجود أي علاقة خاصة بينهما بل كان يقدمها كصديقة للعائلة، مستغلًّا الصداقة المعروفة بين والده عبد الله باشا وهبي ووالدها علي باشا فهمي، وسافر مع عائشة إلى لندن ليصبح قريبًا منها أثناء النظر في قضية مقتل شقيقها علي فهمي الذي قتلته زوجته الفرنسية من أجل الحصول على أمواله والهروب بها مع عشيقها.
وكانت عائشة متزوجة من طبيب اضطرت إلى منحه عشرين ألف جنيه، وتنازلت له عن مساحة أرض كبيرة مقابل أن يطلقها لتتزوج يوسف وهبى، وفي باريس تزوج يوسف وهبي من عائشة فهمي وكانت أغني سيدة في مصر وتكبره بـ16 عاما، وأعدت هي كل شيء لعقد القران وقال عنها يوسف وهبي: «استمر النجاح حليفنا ثم بدأت عوامل الغيرة تتكشف في خلق السيدة عائشة زوجتي لحد مراقبة حركاتي وسكناتي وبعد أن كانت تبدي مظاهر التشجيع لفني ومسرحي انقلب الحال فأصبحت تضيق ذرعًا لانعكافي علي التأليف والتمثيل والإخراج وحولت حياتي إلي جحيم لا يُطاق».
هجر يوسف وهبي قصر عائشة فهمي الموجود على النيل في الزمالك دون أن يحمل معه شيئا من ملابسه، ولم يكن في جيبه غير خمسين جنيهًا، فأرسلت إليه عائشة هانم تعرض أن يعود إليها علي أن تقتطع من أرضها الخصبة في صعيد مصر خمسمائة فدان تكتبها باسمه، ورفض يوسف وهبي وقام برحلة خارج البلاد عاد بعدها ليجد أن السيدة عائشة قد رفعت عليه دعوي نفقة وأوقع محاميها الحجز علي مدينة رمسيس وظلت تلاحقه حتي استطاعت أن تشهر افلاسه.
هروبه مع سعيدة منصور
حاولت سعيدة منصور الإصلاح بينه وبين زوجته عائشة فهمي، وبعد طلاقه من عائشة نشأت قصة حب بينهما على الرغم من أنها كانت متزوجة من عبد الشافي بيه المغازي وكانت من عائلة ثرية، ومع ذلك أحبت رجلًا في ظروف مالية صعبة وأشهر إفلاسه، وسافرت معه إلى الإسكندرية وتلقى يوسف تهديدات من زوجها وإخوتها، ولكن لم يتخلَ عنها، فكان لهما ما أرادا وتم طلاقها من زوجها.
تزوجها يوسف وهبي، وعرف معها الاستقرار فاستمر معها حتى وفاته عام 1982م، واستطاع أن يبدأ نشاطه الفني من جديد ويستعيد مجده ويسدد ديونه.