لقد كان لي الشرف أن ألتقي فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي مرتان.. إحداهما كانت في حضرة المغفور لها بإذن الله، شقيقة سمو الأمير، الشيخة فريحة الأحمد الجابر الصباح، وفيها تحدث فخامته عن محبته وتقديره للكويت شعبا وقيادة وحكومة وتطرق إلى عدة محاور مهمة من بينها العلاقات الوثيقة بين مصر والدول العربية الشقيقة، خصوصا فلسطين..
ومع كل يوم يمر، يثبت السيسي مجددا حكمته وعروبته ومواقفه القوية تجاه القضايا العربية، وليس أدل على ذلك من موقفه الحالي تجاه ما يحدث في غزة، والأمر لا يتوقف فقط عند حد دعمه للقضية الفلسطينية وإصراره على رفع الحصار وإرسال المساعدات الطبية والغذائية وإدانة المجازر الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني..
السيسي رجل عسكري بالمقام الأول، لهذا هو يعي جيدا أبعاد المخطط الإسرائيلي الساعي إلى تفكيك وتصفية القضية الفلسطينية بالتخلص من قطاع غزة عن طريق تفريغه من الفلسطينيين، بإنشاء وطن بديل في سيناء بدعم أمريكي – أوروبي.. وفي هذا الصدد أعلن السيسي صراحة أنه لا مجال إطلاقا للتنازل عن حفنة تراب واحدة من أرض سيناء، هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى كذلك أعلن دعمه لحق الفلسطينيين في الحفاظ على أرضهم وحقوقهم كاملة وإقامة دولتهم التاريخية..
صدقا، ستمر هذه الأزمة رغم ضراوتها، لكنها حتما ستمر.. وسيذكر التاريخ هذا الموقف للرئيس المصري، الذي يواجه كل هذه الضغوط الدولية، ويأتي ذلك في فترة شديدة الحساسية على المستويات كافة، خصوصا وأننا على أعتاب إجراء انتخابات رئاسية في مصر..
وفي هذا الصدد، أتذكر أن السيسي حين كان وزيرا للدفاع لم يكن في حساباته الترشح للرئاسة، لكنه بعد الإجماع الشعبي وثورة 30 يونيو، استجاب لنداء جموع الشعب وترشح لرئاسة البلاد.ثم بدأت خطته في معالجة تلك المشاكل التي كانت تواجه مصر، وبعد مضي دورتين رئاسيتين، استطاع بناء نهضة جديدة وتحقيق إصلاحات كبيرة يشهد بها القاصي والداني.
وبالطبع تطلب هذا الإصلاح قرارات جريئة ومسئولية كبيرة من الرئيس، بالإضافة إلى تضامن وقدرة تحمل من الشعب. فقد تعرضت مصر لتداعيات التظاهرات والفوضى والانفلات الأمني قبل تولي الرئيس السيسي، بالإضافة إلى الحرب على الإرهاب التي كلفت مصر بتكاليف اقتصادية وسياسية واجتماعية كبيرة لم تكن مستعدة لها وقتئذ. ولكن الرئيس تمكن من مواجهة هذه التحديات رغم تكلفتها، ونجح في تجاوز الإرهاب واستعادة الأمن والاستقرار في البلاد، مما جعل من مصر بيئة ملائمة وجاذبة للاستثمار.
بالإضافة إلى ذلك، تزامنت فترة رئاسة الرئيس السيسي مع ظروف استثنائية مثل جائحة كوفيد – 19 والحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت على الاقتصاد العالمي بشكل عام. هذه الأحداث العالمية أدت إلى تعطيل التنمية وتأثيرها على تمويل الدول. لذلك، لو كان هناك أي رئيس آخر في مصر، فإنه لا بد من أن يواجه صعوبات مماثلة وقد يضطر للاستدانة أيضا.
ويجب أن نلاحظ أن الصعوبات الاقتصادية لم تقتصر فقط على مصر، بل تأثر بها العالم بأكمله، وما زالت معظم الدول تعاني من آثار هذه التحديات الكبيرة. على سبيل المثال، تركيا، التي كانت تعتبر قوة اقتصادية قوية، واجهت مشاكل اقتصادية عديدة، مما أثر على قيمة الليرة وزاد من معدل التضخم وارتفاع الأسعار، على الرغم من عدم إقرارها نظام تعويم عملتها.
وفي المقابل ورغم كل هذه الأزمات والمشاكل الاقتصادية العالمية، قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بتنفيذ العديد من الإصلاحات الكبيرة في مصر خلال فترة رئاسته. فتم مثلا تنفيذ برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي بهدف تحسين مناخ الاستثمار وتعزيز النمو الاقتصادي. تضمنت هذه الإصلاحات خفض الدعم الحكومي على الوقود والكهرباء، وتحرير سعر صرف العملة المحلية، وتحسين المناخ التشريعي والتنظيمي لجذب الاستثمارات.
كذلك تم الاستثمار في مشروعات ضخمة لتحسين البنية التحتية في مصر، بما في ذلك توسيع شبكة النقل وبناء طرق وجسور ومطارات جديدة. كما تم العمل على تطوير وتحديث المدن الكبرى وتوفير الإسكان للمواطنين.
فيما أطلقت حملة شاملة في البلاد لمكافحة الفساد في مختلف جوانب الحياة العامة، بما في ذلك تعزيز الشفافية وتطوير آليات رقابة أكثر صرامة على الجهات الحكومية والمؤسسات.
أما على مستوى الإصلاحات التعليمية، فتم التركيز على تحسين نظام التعليم في مصر، من خلال تحديث المناهج الدراسية وتطوير البنية التحتية للمدارس وتحسين تدريب المعلمين.
أيضا تم تطوير القطاع الصحي وتحسين خدمات الرعاية الصحية، بما في ذلك بناء وتجهيز المستشفيات وتوفير الرعاية الأساسية للمواطنين.
فضلا عن التركيز على تعزيز الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب، بما في ذلك تعزيز قدرات الجهات الأمنية وتوفير الاستقرار الأمني للمواطنين.
وفي خضم هذه التحديات، أطلق الرئيس السيسي عدة مبادرات إنسانية مهمة، تصب في صالح المواطن البسيط، وتعكس اهتمام الرئيس السيسي بهذه الفئة المهمة، ومن بين هذه المبادرات حملة تطوير العشوائيات وتحسين الأحوال المعيشية لسكانها، وها نحن نرى بأعيننا كيف تحولت هذه الأماكن من مواطن للفقر والأوبئة والتلوث إلى مساكن متطورة وحديثة وآمنة. ثم نأتي إلى برنامج تكافل وكرامة، والذي يحصل من خلاله المواطن غير القادر على معاش يكفل له حياة كريمة.. .وهذه المبادرات بلا شك غيرت حياة الملايين من المصريين إلى الأفضل.
وسجل الإصلاحات ليس محصورا فقط في هذه النقاط، بل يشمل أيضا تحسين الخدمات العامة وتطوير القطاعات الزراعية والصناعية وتعزيز الحكم الرشيد وحقوق الإنسان. كما يعمل الرئيس السيسي على تحقيق رؤيته لتحويل مصر إلى دولة قوية ومزدهرة في مختلف المجالات، وهذا ما يلمسه كل منصف يرى الصورة كاملة بكل تجرد ودون تحيز.
من وجهة نظري الشخصية، أؤيد إعادة انتخاب الرئيس السيسي لفترة رئاسية جديدة لاستكمال حزمة الإصلاحات والخطط التنموية التي بدأها. فلقد شهدت مصر تحسنا كبيرا تحت قيادته، وأتمنى للشقيقة مصر الحبيبة مزيدا من الاستقرار والتوفيق في المستقبل.. .وكلامي هنا ليس منبعه محبتي لمصر على المستوى الشخصي فقط، لكن لبعد عربي وإقليمي مهم، يتمثل في أن أمن واستقرار مصر ونهضتها اقتصاديا إنما هو أمر حيوي وضروري للمنطقة ككل، فهي صمام الأمان بما تمثله من عمق عربي استراتيجي.. .والوقوف إلى جوارها من أجل التعافي اقتصاديا هو واجبنا جميعا.
حفظ الله مصر وفلسطين وسائر بلدان وطننا العربي الكبير.. .وعاشت وحدة الأشقاء