خطبة الجمعة عن يوم الشهيد.. كشفت وزارة الأوقاف عن موضوع خطبة غدا الجمعة الموافق 8 مارس 2024 «آخر جمعة قبل رمضان»، تحت عنوان: «يوم الشهيد»، ونشرت الصفحة الرسمية لـ وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، نص خطبة الجمعة والتي جاءت كالتالي:
يوم الشهيد.. نص خطبة الجمعة 8 مارس
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابِهِ الكريمِ: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا ونبيَّنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهُمَّ صلِّ وسلّمْ وباركْ عليهِ، وعلى آلِه وصحبِه، ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وبعدُ:
فلا شكَّ أنَّ يومَ الشهيدِ يومٌ عظيمٌ مشهودٌ في تاريخِ وطنِنَا العزيزِ، نتذكرُ فيهِ الشهداءَ العظامَ الذينَ بذلُوا أنفسَهُم في سبيلِ اللهِ تعالى، وارتوتْ أرضُنَا الزكيةُ بدمائِهِم، دفاعًا عن الوطنِ والأرضِ والعرضِ، لينتقلُوا إلى الحياةِ الأعظمِ التي يتنعمونَ فيها بفضلِ ربِّ العالمين، ويهنئونَ بإكرامِهِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: {وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ}، ويقولُ سبحانَهُ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
وقد أكرمَ اللهُ تعالَى الشهداءَ بمنحٍ عظيمةٍ وعطاءاتٍ كريمةٍ، فقد وعدَهُم اللهُ (عزَّ وجلَّ) بالجنةِ جزاءً لِمَا بذلُوا أنفسَهُم في سبيلِهِ سبحانَهُ، يقولُ تعالَى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}، ويقولُ سبحانَهُ: {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ}، وهم رفقاءُ النبيينَ والصديقينَ والصالحينَ، حيث ُيقولُ سبحانَهُ: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}.
لأجلِ هذه الكرامةِ الربانيةِ للشهداءِ، ولعظمِ ما أعدَّ اللهُ لهُم مِن الجزاءِ، نجدُ نبيَّنَا ﷺ يتمنَّى الشهادةَ في سبيلِ اللهِ (عزَّ وجلَّ)، حيثُ يقولُ نبيُّنَا ﷺ: (والَّذي نَفْسي بِيَدِه، لَوَدِدْتُ”، “أَنِّي أُقتَلُ في سَبيلِ الله ثم أُحْيا، ثم أُقتَلُ ثم أُحْيا، ثم أُقتَلُ ثم أُحْيا، ثم أُقتَلُ)، وأخبرَ ﷺ أنَّ مَن رُزِقَ الشهادةَ يتمنَّى الرجوعَ إلى الدنيَا ليستشهدَ مراتٍ ومراتٍ، يقولُ (صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليهِ): (ما مِن أحَدٍ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يُحِبُّ أنْ يَرْجِعَ إلى الدُّنْيا، وأنَّ له ما علَى الأرْضِ مِن شيءٍ، غَيْرُ الشَّهِيدِ، فإنَّه يَتَمَنَّى أنْ يَرْجِعَ، فيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ، لِما يَرَى مِنَ الكَرامَةِ).
وقد سطَّرَ التاريخُ بطولاتِ الشهداءِ العظامِ بأحرفَ مِن نورٍ، مِن أمثالِ سيدِنَا حمـزةَ بنِ عبدِ المطلبِ، وسيدِنَا جعفرِ بنِ أبي طالبٍ، وسيدِنَا مصعبِ بنِ عميرٍ، وسيدِنَا عبدِ اللهِ بنِ رواحةَ، وسيدِنَا حنظلةَ بنِ أبي عامرٍ، وسيدِنَا عميرِ بنِ الحمامِ، وغيرِهِم (رضي اللهُ عنهم أجمعين).
ومنهم سيدُنَا عمرُو بنُ الجموحِ (رضي اللهُ عنه) الذي كان مِن ذوي القدراتِ الخاصةِ -به عرجٌ شديدٌ في رجلِهِ-، وكان له أربعةٌ أبناءِ يقاتلونَ مع نبيِّنَا ﷺ، فلمَّا كان يومُ أُحدٍ، أرادَ عمرُو (رضي اللهُ عنه) أنْ يشتركَ في القتالِ، فقالَ لهُ بنوهُ: إنَّ اللهَ قد جعلَ لكَ رخصةً، فلو قعدتَ ونحن نكفيكَ! فقالَ عمرُو للنبيِّ ﷺ: واللهِ إنِّي لأرجُو أنْ أستشهدَ، فأطأُ بعرجتِي هذه في الجنةِ!! فقُتلَ يومَ أُحدٍ شهيدًا، وعندمَا رآهُ نبيُّنَا ﷺ شهيدًا قالَ لهُ: (كأنِّي أنظُرُ إليك تمشي برِجْلِكَ هذه صحيحةً في الجنَّةِ).
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
إنَّ بطولاتِ الشهداءِ العظامِ في تاريخِ أمتِنَا المجيدِ حاضرةٌ في كلِّ جيلٍ، فلا ينسَى التاريخُ تضحياتِ رجالِ قواتِنَا المسلحةِ الباسلةِ الذين ضربُوا أروعَ الأمثلةِ في البطولةِ والفداءِ في سبيلِ دفاعِهِم عن الوطنِ، فأحيُوا فينَا روحَ الكرامةِ والمروءةِ والعزةِ والشهامةِ، واستطاعُوا أنْ يحفظُوا لمصرَ مكانتَهَا وهيبتَهَا، منهم: الشهيدُ عبد المُنعم رياض، والشهيدُ أحمد بدوي، والشهيدُ أحمد حمدي، والشهيدُ إبراهيم الرفاعي، والشهيدُ إسماعيل إمام، ومنهم الشهيدُ أحمد المنسي، والشهيدُ خالد مغربي، والشهيدُ أحمد الشبراوي، وإلى جانِبِهِم زملاؤهم مِن شهداءِ الشرطةِ البواسلِ، منهم: الشهيدُ نبيل فراج، والشهيدُ محمد مبروك، والشهيدُ إسلام مشهور، والشهيدُ عمر القاضي، والشهيدُ ماجد عبد الرازق، وغيرُهُم مِمّن سجّلُوا أسماءَهُم بحروفٍ مِن نورٍ في سجلِّ الشهداءِ الحافلِ مِن أبطالِ قواتِنَا المسلحةِ الباسلةِ وشرطتِنَا الوطنيةِ العظيمةِ عبرَ تاريخِنَا المصرِي العظيم.
على أنَّنَا نؤكدُ أنَّ الوفاءَ لتضحياتِ شهدائِنَا يتطلبُ أنْ يكونَ كلُّ واحدٍ منَّا جنديًّا لهذا الوطنِ في مجالِه، وأنْ يبذلَ أقصَى طاقتِهِ في خدمةِ هذا الوطنِ العظيمِ، وأنْ نقفَ صفًّا واحدًا وعلى قلبِ رجلٍ واحدٍ خلفَ جيشِنَا وشرطتِنَا وسائرِ المؤسساتِ الوطنيةِ، وإنَّنَا لنُرَجِّي لأنفسِنَا شهادةً في سبيلِ اللهِ والوطنِ، ولمَ لا؟ وقد قالَ ﷺ: (مَن سألَ اللَّهَ الشَّهادةَ بصدقٍ بلَّغَهُ اللَّهُ منازلَ الشُّهداءِ وإنْ ماتَ علَى فراشِه).
اللهم احفظْ مصرنَا الحبيبةَ وارفعْ رايتهَا في العالمين
وارحمْ شهداءنَا وتقبلهُم مع النبيينَ والصديقينَ والصالحينَ بفضلِكَ وكرمِكَ
اقرأ أيضاً
موضوع خطبة الجمعة اليوم 1-3-2024.. «الاستعداد لرمضان بالتكافل ومجالس العلم وتلاوة القرآن»
موضوع خطبة الجمعة اليوم 23-2-2024.. «تحويل القبلة.. دروس وعبر»
موضوع خطبة الجمعة اليوم 16-2-2024.. «حق الطفل والنشء ورعايته بين الضروريات والحاجيات والتحسينيات»