كتب: هناء سويلم
«أكثر الفنانين موهبة على مستوى العالم»، هكذا قال النقاد العالميين عن الفنان زكي رستم ، بل واختارته مجلة «باري ريتش» الفرنسية كواحد من أفضل 10 ممثلين على مستوى العالم، وهو أعظم مممثلي الشرق كما وصفته المجلة الأمريكية «لايف» ولا يختلف عن الممثل البريطاني الكبير تشارلز لوتون.
ولد الفنان زكي رستم في 5 مارس 1905، بقصر جده اللواء محمود رستم باشا، أحد كبار ضباط الجيش، ووالده هو محرم بك رستم وكان عضوًا بارزًا بالحزب الوطني، وصديق الزعيمين مصطفى كامل، ومحمد فريد، وكانت أمنية والده التحاقه بكلية الحقوق.
كان الفنان الراحل يخرج مع مربيته لمشاهدة الموالد وعروض الأراجوز وهو صغير، وعندما كان طالبًا في الابتدائية كان يذهب مع أسرته لمشاهدة العروض المسرحية التي تقدمها فرقة جورج أبيض، وكان يجمع أصدقائه وأقاربه لتمثيل الروايات معهم في بدروم القصر، كما اهتم بالرياضة وحصل على بطولة حمل الأثقال عام 1923.
حصل زكي رستم على شهادة البكالوريا، ورفض الامتثال لرغبة والده، ولم يلتحق بكلية الحقوق، بل أخبر والدته برغبته في التمثيل، وتمرد على تقاليد الطبقة الارستقراطية، والتحق بفرقة جورج أبيض، فقامت والدته بطرده من القصر، باعتباره مثل سيء لإخوته، وأصيبت بالشلل.
قصة حياة زكي رستم
بداية زكي رستم كانت من خلال سليمان نجيب، والذي كان والده صديقا لوالد زكي رستم، فقدمه للفنان عبد الوارث عسر، وذهب معه للقاء جورج أبيض، وأدى أمامه مشهد تمثيلي ونجح بتفوق، ووافق على انضمامه لفرقته، وظل يعمل فيها لمدة سنة ونصف تعلم خلالها الإندماج الكامل في الشخصية وهو الأسلوب الذي اشتهر به جورج أبيض، وقد رفض زكي رستم خلال عمله مع جورج أبيض تقاضي أي أجر، فكان حبه للتمثيل يجعله سعيدا بممارسة هوايته دون مقابل.
وظل يعمل بدون أجر حتى أقنعه يوسف وهبي بأهمية الاحتراف وتقاضي أجر، وبالفعل تقاضى أول أجر شهري في حياته 15 جنيها، وكان من الأجور المميزة داخل فرقة رمسيس، حيث كان البطل الأول يحصل على 25 جنيها، وبعد عامين من عمله بالفرقة التحق بفرقة فاطمة رشدي و عزيز عيد، وكانت محطته المسرحية الأخيرة في الفرقة القومية.
تمير أداء الفنان الراحل بالقدرة على تقمص أي شخصية، وقالت فاتن حمامة، فى إحدى حواراتها إنها شعرت بالرعب عندما وقفت أمامه في فيلم نهر الحب من شدة اندماجه، «رستم يندمج في الدور لدرجة أنه لما يزقني كنت بحس أني طايرة في الهواء»، وفقدت الوعي وسالت منها الدماء بسبب صفعه لها.
لم يتزوج زكى رستم، وكان أشهر عازب في الوسط الفني، وكان السبب أنه أحب فتاة من عائلة ارستقراطية وحاول أن يتزوجها إلا أن أسرتها رفضت الفكرة، بحجة أنه يعمل «مشخصاتي» ولا يرتقى لمستوى أسرتها، ولم تتحمل الفتاة الابتعاد عن زكي والذي أحبته بجنون، وعندما فشلت محاولاتهما للزواج استسلم زكي رستم، لكن الفتاة لجأت إلى الانتحار وأنهت حياتها.
تألم زكي رستم كثيرا بعد الحادث، وقرر أن يعيش على ذكرى الفتاة التي دفعت حياتها ثمنا لحبه، ولم يتزوج وعاش يردد دائما أنه يكره النساء ولا يفكر في الزواج.
أصيب زكي رستم بضعف شديد في السمع، وتعرض لمواقف محرجة بعدما أصبح غير قادر على سماع أصوات زملائه الفنانين أثناء التصوير، وقرر الاعتزال في 1968، وعاش أيامه الأخيرة مع رجل عجوز كان يتولى خدمته ويرعى شؤونه، وكلب كان يرافقه، ورحل في 15 فبراير 1972 وشيع جثمانه 4 أشخاص فقط، من بينهم الخادم الذي لازمه طول رحلة حياته.