بعد أن انقضت ليلة من أعظم ليالي العام، ليلة النصف من شعبان، وهي الليلة التي كان يترقبها الكثيرون لما فيها من نفحات جليلة وفيوضات غزيرة، متمنين أن ينالوا ثوابها وفضلها ومغفرة الذنوب ورفع الأعمال فيها.
لذا فقد كثر السؤال حول بقية أيام العام، هل بعد انقضاء ليلة النصف من شعبان أغلق باب المغفرة؟
يظن الكثير من الناس أن رفع الأعمال يقتصر على ليلة النصف من شعبان فقط، وتعرض لكم بوابة من العاصمة الإخبارية حقيقة رفع الأعمال إلى في السطور التالية:
ترفع الأعمال إلى الله في هذه الأيام:
• يرفع عمل الليل إلى الله قبل عمل النهار.
• يرفع عمل النهار قبل عمل الليل.
• بينما عمل الأسبوع يُرفع إلى الله يومي الإثنين والخميس.
• عمل السنة يُعرض على الله في شهر شعبان.
حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تُفتَحُ أبوابُ الجنَّةِ يومَ الاثنينِ و الخميسِ، فيغفرُ اللهُ- عزَّ وجلَّ- لِكلِّ عبدٍ لا يُشرِكُ باللهِ شيئًا، إلَّا رجلًا كانَ بينَه وبينَ أخيهِ شحناء، فيقول: أنظروا هذينِ حتَّى يصطلحا”.
ويغفر الله لكل الناس الذنوب في يومي الاثنين والخميس إلا لأثنين بينهم مشاكل او خلاف يؤجل لهم هذه المغفرة والفضل العظيم إلى أن يصطلحوا، مُشيراً الى أن من أفضل الاعمال ان تصالح بين الناس، يقول المولى عز وجل { لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.
فالإصلاح بين المتخاصمين أمر عظيم، يفعله المولى- عز وجل- بنفسه، فيأتي الله بالمتخاصمين يوم القيامة ويصلح بينهم، قال النبي- صلى الله عليه وسلم- في الحديث (اتقوا الله واصلحوا بين المتخاصمين فإن الله عز وجل يصلح بين عباده).
– ولكل عرض حكمة لا يعلمه إلا الله -سبحانه وتعالى-.
بعد انقضاء ليلة النصف من شعبان.. هل أغلق باب المغفرة؟
قال الدكتور علي جمعة، المفتي السابق وعضو هيئة كبار العلماء خلال صفحته الرسمية على “فيس بوك”: إن باب الرحمة والمغفرة مفتوح إلى يوم الدين، ومن أراد أن ينهل منها فعليه بجزء الليل الأخير فإنه تنزل فيه الرحمات من الله، وذلك في كل ليلة، لا تختص به ليلة دون ليلة، قال رسول الله- عليه السلام-: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» (صحيح البخاري).
وتابع المفتي السابق مؤكدًا: “من أجل ذلك كان على المسلم أن يحرص في هذه الأيام على إصلاح ذات بينه، وعلى أن يجمع كلمته مع أخيه قبل دخول شهر رمضان، حتى إذا جاء رمضان يجد نفسه قد صفت وخلت من البغضاء والتحاسد والشحناء فيغفر الله له ما تقدم من ذنبه”.
وأشار “جمعة” إلى أن المسلم مأمور دائمًا وأبدًا بأن يصلح ذات بينه مع الناس عامة، قال تعالى: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) ، كما هو مأمور أن يصلح ذات بينه مع المؤمنين، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
وقد بين النبي عليه السلام الفضل العظيم والنفع العميم المترتب على إصلاح ذات البين، فقال: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة»، قالوا : بلي، قال: «صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة»، وبعد أن ذكر الإمام الترمذي هذا الحديث قال: ويروي عن النبي عليه السلام أنه قال: «هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين» (سنن الترمذي)، فجعل النبي أجر الإصلاح بين الناس أعلى وأفضل من عبادات تعد ركنا أصيلا في الإسلام، ليستنفر همة المسلم فيحرص على الإصلاح في المجتمع، مما يجعله مجتمعاً صالحاً تتحقق فيه وحدة الصف وسلامة الهدف.