انطلقت فعاليات منتدي عمان الامني الخامس عشر، صباح الأربعاء في العاصمة الأردنية، بمشاركة سفراء من عدة دول عربية وأجنبية، وأكاديميون وخبراء من أمريكا وسويسرا وإيطاليا وإسبانيا، النرويج، و السعودية والإمارات وإيران ومصر بالإضافة إلى الأردن.
طالب خبراء الأمن المشاركون ضرورة قيام المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه ما يحدث في قطاع غزة، من أعمال قتل وتدمير واسعة واستهداف للمدنيين وتحديدا النساء والأطفال.
وأكدوا خلال فعاليات افتتاح الموسم الخامس عشر من منتدى عمان الأمني الذي ينظمه المعهد العربي لدراسات الأمن إن خرق القانون الدولي يشكل خطرا استراتيجيا متعدد الابعاد، لما للقانون من أهمية بالغة في ضبط وتقييد القوات المسلحة ضمن مناطق النزاع اذ يضمن التكافؤ النسبي ويبعد المدنيين عن العمليات القتالية.
وأشادوا بمواقف المملكة الأردنية الهاشمية، الرامية إلى ضرورة حلّ الصراع العربي الإسرائيلي من خلال تلبية طموحات الشعب الفلسطيني وتطلُّعاته، وأبرزها حقّه في التحرُّر من الاحتلال، وإقامة دولته المستقلّة القابلة للحياة على خطوط الرابع من حزيران للعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي ومبادرة السلام العربية.
واستهل الجلسة الأولى العميد محمد مهيدات بكلمة ألقاها ممثلا عن القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، أوضح فيها أن القوات المسلحة الاردنية تنظر الى القوانين والاعراف الدولية بكل تقدير واحترام، كما انها تتفق مع المبادئ والقيم التي نشأ عليها الجيش العربي، كما ان الدين الاسلامي الحنيف وجهنا قبل 1400 عام فيما يخص الحروب والمعارك ألا يقل كهل أو أمرأة أو طفل او تدمر يبوت العبادة، او الأماكن الآمنه.
وقال مهيدات ان البيئة الاستراتيجية الراهنة اصبحت أكثر تعقيدا وتشابكا وغموضا، ما يفرض على القوات المسلحة والاجهزة المنية الاردنية مزيدا من الاعباء والتحديات التي تتطلب مستوى عال من التاهيل والتدريب والجهوزية للتعامل مع المتغيرات والمخاطر التي تتسم بها الظروف الحالية.
وأشار مهيدات إلى أن الاردن يواجه تحديات كبيرة سواء من حيث عمليات التهريب على الحدود السورية التي تقف خلفها تنظيمات مؤدلجة ومسلحة وشبكات جريمة، أو من حيث تحشد التنظيمات المسلحة على مقربة من الحدود الاردنية.
واكد مهيدات ان التطورات المتسارعة للصراع الدائر في قطاع غزة تشكل تحديا حقيقيا للأمن الوطني الأردني بسبب المخططات الرامية الى تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار.
التحديات الأمنية في الشرق الأوسط
وحول التحديات الأمنية في منطقة الشرق الأوسط قال المستشار واستاذ العلوم السياسية في جامعة الامارات الدكتور عبد الخالق عبدالله إن الانتهاكات الاسرائيلية المستمرة على مدار الـ75 سنة الماضية جعلت من اسرائيل مصدرا لعدم الاستقرار في المنطقة، وستبقى كذلك اذا لم تقام الدولة الفلسطينية وتنعم بالسلام.
وأكد عبدالله أنه في سياق الحديث عن التحديات الأمنية في منطقة الشرق الأوسط، لابد من الإشارة إلى ايران باعتبارها مصدرا اخر لعدم الاستقرار في الجزء الشرقي من منطقتنا خصوصا لدول الخليج التي على مقربة منها.
ولفت عبدالله الى أن الاشكاليات التي تواجه العلاقات الخليجية الايرانية تأخذ مسارين أولاهما متفائل لتطور العلاقات الخليجية الايرانية معتبر اياها صفحة جديدة من العلاقات انتقلت من مرحلة الصراع الى مرحلة الحوار والتعاون. وثانيهما اقل تفاؤلا بسبب وجود عناصر راديكالية ايرانية لا تريد لا تريد لهذا التعاون الاستمرار وتسعى إلى تاجيج الخلافات، التوسع، ونشر التشيع.
وقال عبدالله إنه من أبرز التحديات التي تواجع استمرار التعاون الخليجي الايراني، استمرار التهديدات الايرانية في مياه الخليج العربي، والسعي الايراني لنقل خلافاتها مع الولايات الامريكية المتحدة الى المنطقة العربية، بالاضافة الى زج المنطقة قي سباق تسلح غير تقليدي، الأمر الي دون ايجاد الحلول الواقعية لهه سيشكل صعوبة في بناء علاقات حسن الجوار.
التغير المناخي، وشح المياه، والهجرات الكبيرة، والصراعات المسحلة..أبرز التحديات
من جانبه قال الباحث في مركز الحوكمة والسیاسات بجامعة شریف الايرانية سید علي امامیان إن العالم يشهد تحديات امنية غير مسبوقة تتمثل في التغير المناخي، وشح المياه، والهجرات الكبيرة، والصراعات المسحلة، وظهور العصابات الاجرامية المنظمة، وتنامي المخاطر السيبرانية، كلها مجتمعة او منفردة تؤثر على المعايير الأمنية العالمية.
وأضاف أن المعاهدات والمواثيق الدولية تشكل الضامن الرئيس للحد من هذه التحديات، وتؤطر سبل التعامل معها، ما يجل لوجودها أهمية بالغة في ادارة الصراعات حول العالم.
ولفت امامیان إلى أن الصراع الاسرائيلي الفلسطيني أعاد المنطقة إلى حقبة ستينيات القرن الماضي، وأن ليس بامكان الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني العودة إلى ما قبل السابع من اكتوبر، الامر الذي جعل من اسرائيل منطقة امنية هشة، لعدم وجود فهم مشترك للعيش بسلام.
ويرى امامیان أن الاحداث الجارية في غزة الآن، جعلت من الضرورة بمكان إعادة مأسست المنطقة العربية امنيا، وهذا يشكل فرصة لايران لوضع حلولها ورؤيتها حيال ذلك.
الغرب لا يزال يملك عقلية استعمارية
وزیر خارجیة مالطا الاسبق ایفارست بارتولو قال ان هناك أشخاص في الغرب ما زال لديهم العقلية الاستعمارية، وأن فكرة عدم الانحياز ليست بجديدة على القوى العظمى.
وبين بارتولو أن الولايات الأمريكية المتحدة بدأت تفقد مصداقيتها وصورتها امام شعوب العالم، في الوقت الذي ينحازون فيه الى اسرائيل ويساندونها، ينددون في الحرب الروسية الاوكرانية، داعيا الولايات المتحدة الى ان تستمع الى اصوات الجميع.
من جانبه قال محمد فرغل من المعهد العربي لدراسات الامن أن تطور التحديات الأمنية العالمية المتمثل في تنامي الهجمات السيبرانية، وتعاظم مخاطر الامن السيبراني يشكل تحديا أمنيا عالميا بارزا يتطلب تظافر الجهود العالمية لمكافحتها.
وأضاف فرغل ان أهم سبل الاستقرار الامني في المنطقة والعالم يتمثل في التمكين الاقتصادي للدول، ما من شأنه يحدث تنمية وانفتاحا يحدان من المخاطر الامنية، مشيرا ألى أن في المنقطة العربية نحو 31 تحالف غير عسكريا لكن المنطقة مازلت تعاني من اختلال موازين القوى الاقتصادية تزيد من وتيرة التحديات الامنية.
وفي سياق متصل قال البرلماني حمادة الفراعنة إن حماس تنظيم فلسطيني مستقل يشكل امتدادا لأكبر حركة سياسية في العالم العربي، وأن اسرائيل في بادئ الامر طورت تعملاتها مع حماس سعيا الى تعزيز وجود قريقين مختلفين في الدولة الفلسطينية لشق الصف وتأجيج الخلافات والاستفادة من حالة الانقسام الداخي.
وأشار الفراعنة إلى بالجهود الدبلوماسية الأردنية المتفردة والمتميزة على الصعيد الدولي والعالمي التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني في دعم القضية الفلسطينية، وابقائها حاضرة في المحافل العالمية، وخصوصا في ظل الحرب على قطاع غزة. ومساعيه الى وقف اطلاق النار، وتطوير مشورع هدنة وفتح ممرات آمنة.
عضو منظمة التحرير الفلسطينية جواد دار علي قال إن قضية الصراع العربي الفلسطيني الاسرائيلي كبيرة ومعقدة، ويدأ حلها من شرعية الشعب الفلسطيني في اقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف، ووقف مخططات الاستيطان والتهجير، وليس على حساب دول الجوار خصوصا مصر والاردن.
وواضاف ان المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية الصراع بين الاسرائيليين والفلسطينين عندما تجاهل اصوات السلام الرامية الى حل الدولتين، الامر الذي اوصل المنطقة الى الانفجار.
ويناقش المنتدى على مدار اليومين التطورات الأمنية إقليميا ودوليا، والابعاد الانسانية للتحالفات الأمنية وانعكاساتها على الاستقرار والتنمية.
وتعرض جلسات اليوم الخميس لحالة الردع النووي، وقضايا انتشار أسلحة الدمار الشامل، والطاقة النووية والانتشار النووي في الشرق الأوسط، وسبل الوصول إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط؛ وآليات التحقق من نزع السلاح النووي وعدم الانتشار، يفتتحها المبعوث النرويجي الخاص لشؤون نزع السلاح السفير يورن أوسموندسن ورئيس هيئة الطاقة الذرية في الأردن الدكتور خالد طوقان.
ويحظى الموسم الخامس عشر من منتدى عمان الامني هذا العام بمشاركة واسعة من معهد جنيف للدراسات الامنية، ومعهد البحوث التقنية في قازاخستان.
وتشهد أعمال المنتدى تسليم الجوائز للمشاركين في مسابقة عمان الامنية التي باتت تشهد اقبالا وتناميا واسعا وتسارعا في تطورها.