كتب: هناء سويلم
أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن ضرورة توثيق الطلاق الشفهي ، وأنه سيتم مناقشة مسألة الطلاق الشفهي في البرلمان ضمن قانون الأحوال الشخصية الجديد.
وقال خلال احتفالية المرأة المصرية بعيد الأم: «في الماضي، لم يكن هناك توثيق للزواج، والآن التوثيق هو الذي يعتد به أمام المحاكم، وبالتالي لن ننظر في 300 ألف فتوى حتى نحسم قرارنا، أي شخص يرغب في الانفصال عليه توثيق الزواج، لكن الكلام وبس الطلاق الشفهي لن يعتد به مرة أخرى بعد صدور القانون».
قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، جاء حماية للمرأة المصرية، ولأضراره الكثيرة وصعوبة ضبط وكبح ما يجري على الألسنة من كلمات قد تدمر الأسرة في لحظات غضب.
وأثارت مطالبات الرئيس عبد الفتاح السيسي، الجدل في العام 2017، عندما طالب ضرورة توثيق الطلاق الشفهي للحفاظ على الأسرة المصرية، لأن الطلاق الشفهي يتسبب في هدم البيوت وتشريد الأطفال، وعلى الدولة التدخل لحل هذه المشكلة.
خرجت مؤسسة الأزهر ببيان في 2017، أكدت خلاله وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطَه، وعلى المطلِّق أن يُبادر في توثيقه فَوْرَ وقوعِه؛ حِفاظًا على حُقوقِ المطلَّقة وأبنائها، ومن حقِّ وليِّ الأمر شرعًا أن يَتَّخِذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسَنِّ تشريعٍ يَكفُل توقيع عقوبةً تعزيريَّةً رادعةً على مَن امتنع عن التوثيق أو ماطَل فيه، كما حذرت هيئة المسلمين كافَّةً من الاستهانة بأمرِ الطلاق، ومن التسرُّع في هدم الأسرة، وتشريد الأولاد.
وطالبت المؤسسة في بيانها المتساهلون في فتاوي الطلاق، على خلاف إجماع الفقهاء، أن يُؤدُّوا الأمانةَ في تَبلِيغ أحكامِ الشريعةِ على وَجهِها الصحيح، كما ناشدت الهيئة جميعَ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الحذَر من الفتاوى الشاذَّة التي يُنادي بها البعض، حتى لو كان بعضُهم من المنتسِبين للأزهر؛ لأنَّ الأخذَ بهذه الفتاوى الشاذَّة يُوقِع المسلمين في الحُرمة.
وفي 2022، أعاد الأزهر الشريف في مصر التأكيد على ما صدر عن هيئة كبار العلماء بخصوص وقوع الطلاق الشفوي مكتمل الشروط، وقال في بيان نشره عبر صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، إنه «يُعيدُ التأكيد على ما صدر عن هيئة كبار علمائه بإجماع أعضائها على اختلاف مذاهبهم وتخصصاتهم، في بيانها الصادر عن اجتماعها الدوري يوم الأحد 8 من جمادى الأولى 1438هـ الموافق 5 من فبراير 2017م؛ أنه يجبُ على المطلِّق أن يبادِرَ في توثيق الطلاق فوْرَ وقوعه؛ حفاظًا على حقوق المطلقة وأبنائها».
جاء البيان الثاني بعد تزايد الجدل في مصر حول مشروع قانون الأحوال الشخصية، وخروج العديد من الفتاوى لعلماء أزهريين بعدم الاعتراف بالطلاق الشفهي.
وساندت دار الإفتاء، شيخ الأزهر، وأكد الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار اللإفتاء، وقوع الطلاق الشفهي إذا توافرت أركانه وشروطه بعد التحقيق، وهو المفتى به فى دار الإفتاء هيئة كبار العلماء فى الأزهر واللجان الفقهية فى الأزهر الشريف الذى درسته.
حكم الطلاق الشفهي
وأضاف ممدوح، خلال بث مباشر أجرته دار الإفتاء، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، أن الخلط يأتى من الخلط بين الإنشاء والتوثيق فالإنشاء هو إحداث شيء فى الوجود لم يكن موجودا أم التوثيق فهو إثبات ما حدث، وإذا قال الزوج لزوجته «أنت طالق»، وتم التحقيق مع الزوج فى دار الإفتاء ومعرفة حيثيات الطلاق ونجد فى النهاية أنه واقع نقول له أنه وقع وندعوه لتوثيقه لدى المأذون.
وأوضح أن محاولة القول بأن ما نشأ بعقد رسمى لا ينحل إلا بعقد رسمى هذا مغالطة لأنه ليس هناك دليل على ذلك، كما أن العقد لم ينشأ بالرسمية، فالعقد نشأ بإنشائه عن طريق الطرفين والرسمية وثقته، حتى أنه من اسمه يسمى توثيق أى إثبات، وأكد وقوع الطلاق الشفوى إذا تحققت فيه أركانه وشروطه بعد التحقيق، وما يؤكد وقوعه المفتى بعد التحقيق من الزوج، قائلاً:«من كل 3 آلاف حالة 3 حالات فقط يقع فيها الطلاق».
وقال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن دار الإفتاء تتعامل مع الطلاق وفق طريقة منظمة ومنضبطة تمر بثلاث مراحل تبدأ بتعامل أمين الفتوى معها، فإذا لم يتيسَّر الحلُّ فإنها تُحال على لجنة مختصة مكونة من ثلاثة علماء؛ فإذا كانت هناك شبهة في وقوع الطلاق، فإنها تحال عليه شخصيا، وربما يستضيف أطراف واقعة الطلاق في مكتبه للتأكد من وقوع الطلاق أو لإيجاد حل.
وأوضح: «نحن في دار الإفتاء أدركنا أن أغلب حالات الطلاق خاصة في سنوات الزواج الخمس الأولى تنحصر في أن الزوجين يكونان غير مدركين للحقوق الزوجية التي لهما والواجبات التي عليهما، وأنهما قد لا يدركان المسؤولية الملقاة على عاتقهما، متابعا: «الطلاق الشفوي يجري على الألسنة كـ«شرب المياه» ونتلقى أكثر من 5 آلاف فتوى طلاق شهريًا».
لكن هناك بعض العلماء الأزهريين أثاروا الجدل، بعدما أعلنوا أن الطلاق الشفهي لا يقع ولا يعتد به، ويجب التوثيق والشهود.
وقالت سعاد صالح، أستاذ الفقة المقارن انتقدت الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن، وعميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، إن :«الرسول لو كان عايش وشاف الاستهتار، وإن الست تطلق وقد تعيش مع الرجل وهي لا تعرف أنها مطلقة، لأوقف الطلاق الشفهي».
وأضافت أن الطلاق الشفهي تسبب في زيادة نسب الطلاق، موضحة: «الطلاق منذ أيام الرسول كان يقع لفظيًا، إلا أن التوثيق لم يكن موجود في عهد الرسول».
ووافقها الرأي الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، والذي قال إن الطلاق الشفهي يكون للمتزوجين شفويًا، والطلاق الرسمي للمتزوجون رسميًا «فالمتزوج رسمي طلاقه رسميًا»، مؤكدًا أنه طالما حضرت الدولة في الزواج فلابد أن يحدث بشكل رسمي.
وأضاف أنه يتم اعتبار الطلاق الشفوي باطلًا حتى توثيقه؛ لأن التوثيق يترتب عليه حقوق الزوجة مثل الميراث، مؤكدًا أن الطلاق التعسفي له صور متعددة «شخص يمارس الطلاق لأنه متاح؛ وهو أمر ينتج عنه ضرر، أو تطليقها رسمي ثم يرجعها عند العدة ويكرر.
ويؤكد المحامي أسامة ناصر، أن محاكم الأسرة حافلة بقضايا يكون أحد الزوجين فيها إما جانيا أو مجنيا عليه، فالزوجة تسعى للخلع للحصول على ورقة طلاق رسمية، بعد أن يكون الزوج قد طلقها شفهيا وتركها معلقة، والزوج يخشى من تبعات تسجيل الطلاق الكارثية عليه، إذ لا تقتصر المسألة على «خراب بيته» بالطلاق، ولكنها تصل إلى سجنه في جملة من القضايا التي تقيمها ضده الزوجة.
وكان المستشار عبدالرحمن محمد، رئيس لجنة إعداد قانون الأحوال الشخصية في مصر، أعلن أنه سيتم الانتهاء من مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد قريبا، ونص على إعداد وثيقة ما قبل الزواج للاتفاق على بعض الشروط، وستكون مرجعية عند حدوث أي خلاف حتى لا يتم اللجوء إلى المحكمة.