فيلم «ابن حميدو» هو أحد أبرز الأفلام الكوميدية في تاريخ السينما المصرية، وتدور أحداثه عن ابن حميدو الصياد والذي قام بدوره الفنان إسماعيل ياسين، والذي يأتي للسويس برفقة صديقه حسن، وهم رجال مباحث متنكرين في لبس صيادين للقبض على عصابة مخدرات.
شخصية «ابن حميدو»، هي شخصية حقيقية لكن ليست كما قام بأدائها الفنان إسماعيل ياسين، بل كان بحار جزائري قوي أخضع له الولايات المتحدة الأمريكية، وفرض عليهم الضرائب، كما أستولى على أكبر سفن الأسطول البرتغالي.
ولد محمد بن علي الشهير بـ«ابن حميدو» في حي العضبة في الجزائر، سنة 1770 للميلاد، في أسرة بسيطة، و كان أبوه خياطا، ويعد ابنه ليرث مهنة أبيه، ولكن الابن الطموح عشق البحر وتوجه إليه منذ صغره فكان يتردد على السفن و يشارك البحارة في رحلاتهم مثل الرايس شلبي الذي أعجب بشجاعته، وكان يطلع على بطولات القوات العثمانية البحرية التي كانت تجوب البحار.
ألتحق ابن حميدو بالبحرية العثمانية التي كانت موجودة في الجزائر، وترقى فيها حتى صار ضابطًا من أشهر الضباط البحريين للدولة العثمانية في الجزائر وعمره لم يتجاوز الخامسة والعشرين، ثم ترقي ووصل إلى رتبة أمير البحار، صعود ابن حميدو وتصعيده على إمارة البحرية توافق مع قيام الثورة الفرنسية في الغرب، ومجيئ نابليون للحكم، وما أعقب ذلك من فوضى عارمة في أوروبا كلها، فانتهز ابن حميدو الفرصة لتقوية الأسطول الجزائري.
قدر عدد البحارة الجزائريين في عهد ابن حميدو، أشهر قادة البحرية الجزائرية، إلى أكثر من 130 ألف بحار، ومن أشهر السفن الحربية الجزائرية وقتها «رعب البحار، مفتاح الجهاد، المحروسة»، وتمكن الأسطول الجزائري من الوصول بعملياته إلى اسكتلندا والمحيط الأطلسي.
في إحدى معاركه البحرية استطاع أن يستولي على واحدة من أكبر سفن الأسطول البرتغالي وهي سفينة «البورتقيزية» المزودة بـ 44 مدفعا وعلى متنها 282 بحارا، وأضاف إليها سفينة أميركية هي «أمريكانا»، بالإضافة إلى سفينته الخاصة، وأصبح أسطوله الخاص هذه السفن الثلاث، ومن أربعة وأربعين مدفعا فرضت سيادتها على البحر لأكثر من ربع قرن.
في زمن قيادته للبحرية الجزائرية، فرض ابن حميدو ضريبة على الولايات المتحدة، فبعد أن نالت أميركا استقلالها عن بريطانيا بدأت السفن الأميركية ترفع أعلامها لأول مرة اعتبارا من سنة 1783م، وأخذت تجوب البحار والمحيطات، وقد تعرض البحارة الجزائريون لسفن الولايات المتحدة، فاستولوا في يوليو 1785م على إحدى سفنها في مياه قادش، ثم استولوا على إحدى عشرة سفينة أخرى تابعة للولايات المتحدة الأميركية وساقوها إلى السواحل الجزائرية.
ولحداثة استقلال الولايات المتحدة، وعدم امتلاكها لقوة بحرية رادعة، اضطرت إلى الصلح وتوقيع معاهدة مع الجزائر في 5 سبتمبر 1795م، تدفع بموجبها واشنطن مبلغ 62 ألف دولار ذهبا للجزائر لقاء حرية المرور والحماية لسفنها في البحر المتوسط، وتضمنت هذه المعاهدة 22 مادة مكتوبة باللغة التركية، وتعد هذه الوثيقة من الوثائق النادرة والفريدة، فهي الوحيدة التي كتبت بلغة غير الإنجليزية التي وقعت عليها الولايات المتحدة الأميركية منذ تأسيسها، والوحيدة التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بدفع ضريبة سنوية لدولة أجنبية.
في 1815، نشبت معركة كبرى بين الأسطول الأميركي بمساندة الأسطول البرتغالي وبقذيفة مدفع قوية أصابت ابن حميدو وتوفى، وأمّ حاكم البلاد حينها الداي عمر باشا، صلاة الغائب التي أداها الجزائريون على روح البطل ابن حميدو، وأعلن الحداد في كل أنحاء الجزائر لمدة ثلاثة أيام، وفي قلب العاصمة الجزائرية فى «ساحة الشهداء» ينتصب تمثال لـ«الريس حميدو»؛ تخليدا لذكراه.