تحولت «عايدة نور الدين» من ملاك رحمة إلى قاتلة تتلذذ بقتل ضحاياها من مرضى غرفة العناية المركزة بإحدى المستشفيات الكبرى بمحافظة الإسكندرية، رغم تميزها في العمل وحصولها على لقب «الموظفة المثالية»، إلا أنها تجردت من الإنسانية وتحولت لقاتل وقتلت 29 مريض.
عايدة نور الدين
القصة بدأت في 1997، عندما قامت «عايدة» بالعمل في إحدى المستشفيات الكبرى بالإسكندرية ممرضة؛ ولأنها متميزة عملت في أهم قسم في المستشفى وهو قسم «العناية المركزة»، ومع الوقت بدأ المرضى تخرج من غرفة العمليات بعمليات جراحية ناجحة ومع دخول غرفة العناية المركزة فجأة يموت المريض.
لكن الغريب إن كل الأطباء داخل المستشفى أكدوا نجاح العمليات الجراحية، وسلامة العلامات الحيوية لكل المرضى لكن بمجرد دخول المريض لغرفة العناية المركزة تتدهور حالته الصحية، وأكثر أسباب الوفاة التي كانت واضحة للأطباء هي شلل واضح في الجسم وارتخاء في عضلات الحنجرة، وتشابهت أعراض الوفاة لجميع المرضى، وغالبًا تتم بسبب حقن عقار اسمه «فلاكسدين»، وهو عقار يُعطى للمريض قبل العمليات الجراحية للمساعدة في ارتخاء عضلات الحنجرة لسهولة دخول أنابيب الأكسجين داخل حنجرة الإنسان بدون اعتراض عضلات الحنجرة.
عقار الفلاكسدين
عقار «الفلاكسدين» غالبًا لا يستخدم إلا داخل غرفة العمليات الجراحية، ولا يوجد له أي تأثير أو دور فعال للمريض داخل غرفة العناية المركزة، وبدأت الأسئلة المترددة داخل المستشفى «إية اللي يخلي المرضى تموت بنفس الطريقة؟»، وهو السؤال الذي شغل بال الدكتور «عادل عيسى»، والذي أبدى استغرابه من تشابه سبب الوفاة وطلب ملقات كل المرضى للتأكد من عدم وجود أي إجراء طبي غير صحيح.
اكتشف الدكتور عادل إن كل عمليات المرضى تمت بنجاح ولا يوجد أي سبب للوفاة بهذا الشكل، وبدأت الشكوك حول أن الوفاة ليست طبيعية وإنما بفعل فاعل، والاتهامات كانت موجهة تجاه الممرضة عايدة؛ لأنها العنصر الأساسي والمشترك في كل الحالات المتوفية هو وجود الممرضة عايدة في قسم العناية المركزة.
الدكتور عادل عيسى
لم يتم أخذ شكوك الدكتور عادل بعين الاعتبار داخل المستشفى، حتى وصلت حالة جديدة وهي الطفلة صباح 11 سنة، دخلت غرفة العمليات وتم إجراء عملية جراحية ناجحة، وبعد نقلها إلى غرفة العناية المركزة، تعرضت لنفس الأعراض وهي شلل كامل في عضلات الجسم وضيق في التنفس، لكن تم إنقاذ الطفلة وعندما عادت لوعيها مرة أخرى قالت إن الممرضة عايدة اعطتها حقنة.
المستشفى قامت بعمل تحقيق داخلي في المستشفى واتهام عايدة بشكل واضح، لكنها انكرت الاتهامات الموجهة إليها من إدارة التحقيق في المستشفى، وطلبت نقلها من قسم العناية المركزة لإزالة الشكوك من حولها، لكن الغريب إن بعد نقل عايدة استمرت حالات الوفاة بنفس السبب، وما زاد من الأمر هو عمل الطفلة صباح لضجة إعلامية وإعلان عن حالات تتوفى داخل إحدى المستشفيات الكبرى بالإسكندرية بدون وجود تفسير.
وبعد أيام دخل مريض يدعى «عبد القادر»، قام بإجراء عملية جراحية ناجحة وبعد نجاح العملية تم نقله للعناية المركزة وتوفى بنفس الطريقة، فقام الدكتور عادل عيسى بتقديم بلاغ رسمي يتهم الممرضة عايدة بأنها السبب الرئيسي في قتل المرضى داخل المستشفى عن طريق حقن المرضى بعقار «الفلاكسدين».
وقامت الأجهزة الأمنية بالتأكد من حقن المريض المتوفي «عبد القادر» بالعقار من خلال تحويل جثته إلى الطب الشرعي للتشريح والتأكد من سبب الوفاة، وجاء في تقرير الطب الشرعي أن الوفاة سببها حقن المريض بعقار الفلاكسدين، والسبب الرئيسي هو تشنج العضلات وضيق التنفس وهو ما اثبته تقرير الوفاة وهنا أصبح اتهام رسمي للممرضة عايدة.
وتوالت اتهامات أهالي المرضى المتوفيين داخل المستشفى، ضد عايدة وبدأت التحقيقات مع عايدة في اتهامها في قتل 29 مريض بنفس الطريقة وهي استخدام عقار «الفلاكسدين»، واعترفت خلال التحقيقات أنها كانت تحب دكتور اسمه «هشام»، وفي البداية كانت بتحقن المرضى بالعقار وتقوم باستدعاء الدكتور فتكون في هذه الفترة بجانب الدكتور هشام وهو ما كان يشعرها بسعادة، ثم تحولت إلى لذة بقتل المرضى.
وعن وفاة المرضى رغم نقلها من العناية المركزة، قالت عايدة إنها كانت تقوم بحقن عقار الفلاكسدين داخل الأدوية والمحاليل التي كانت الممرضات تأخذها للمرضى في العناية المركزة، وكانت تحقق نفس الهدف.
قضية رأي عام
حاولت عايدة الانتحار وهي داخل قسم الشرطة، لكن محاولتها فشلت، وأمرت النيابة بحظر النشر في القضية، وتم الحكم على عايدة بالإعدام لاتهامها بقتل 29 مريض قتل عمد، لكن المحامي آمر أبو هيف، كان مقتنع ببرائة عايدة وطلب إعادة المحاكمة وعمل استئناف لوجود أدلة جديدة تسهم في تبرئة عايدة من الاتهامات الموجهة ليها، واستمرت المحاكمة 3 سنوات وتحول الرأي العام في قضية عايدة من المطالبة بإعدام عايدة لقتلها عدد كبير من المرضى إلى المطالبة بتبرئة عايدة؛ لأنها مظلومة.
استئناف حكم الإعدام
واعتمد آمر أبو هيف في براءة عايدة على أسباب كثيرة أهمها أن الأشخاص التي اتهمت عايدة بالقتل هم أشخاص متهمين في قضايا إهمال من بينهم الدكتور عادل عيسى، بالإضافة إلى أن الدكتور عادل عيسى والذي اتهم عايدة هو من قام باختيارها كموظفة مثالية، كما أن والدة المتوفي الأخير عبد القادر والتي اتهمت عايدة لم تتعرف على عايدة، وهنا استشهد المحامي آمر أبو هيف إن كيف لوالدة المريض عبد القادر اتهمت عايدة وهي لا تعرف شكلها؟
وحتى الممرضات ممن اتهموا عايدة في التحقيقات بشكل مباشر إنها قتلت المرضى، قاموا بتغيير أقوالهم وتم تحويل الحكم من الإعدام إلى السجن عشر سنوات، لإتهامها بالإهمال واختلاس أموال المستشفى وخرجت بعد 7 سنين لحسن السير والسلوك، وأصبحت قضية عايدة من أغرب قضايا مصر، وتم عمل مسلسل «أوبرا عايدة» اقتباسًا من قضية عايدة.